أردوغان شخصيةٌ رماديةٌ خلافيةٌ ، لهُ ما لهُ وعليهِ الكثير . شيعتة كُثْرٌ كَكُلِّ مسؤولٍ بين يديه جَزَرٌ وعِصِيّ . مِنَ الطبيعي أنْ يكون من بينهم عقلاء و سحيجة موهومون ، ومُضلِّلِون ومُضَلَّلَون ، وسماسرة إعلان وأبالسة إعلام . ومنهم بالتأكيد من هو أشد وأضلُّ سبيلا . وكذلك الأمر معَ منْ لا يُطيقونَه ، بالكاملِ أو بَيْنَ بَيْنٍ .
كعربي ، لا يهمني كثيرا ما يقوله أردوغان عن نفسه ، أو ما يقوله الآخرون عنه . ففي البال دائما وأنا أنصت له ولهم ، دموع تماسيح .
ولا يهمني ان كان قد أنقذ وعزز اقتصاد بلده ، فذاك واجبه . وكثرة ممن قادوا بلادهم قد سبقوه لمثل هذا وأحسن ، كماليزيا مثلا .
ولا تهمني شكلانيات الديمقراطية في تركيا أو في غيرها ، ففيها كلّها خفافيش ليل ، وأقبية وزنازين وجلاوزة ، وفيها كلّها يتم تعذيب وقتل أناس ، وتسفير أناس إلى ما وراء شمس .
لا يهمني إن تناسلت وتكاثرت في عهده ، أشكال متعددة من الفاحشة . فمثلها الكثير في عواصم العرب والعالم . منها القريب من الحرمين ، وأولى القبلتين ، والازهر الشريف ، والعتبات المقدسة ، وبعضها على مرمى حجر من الفاتيكان ، وبعضها تجاور بعض المعابد الهندوسية والبوذية ، وكثير منها يحتل قيعان الكثير من عواصم العالم .
وليست ميزة أن تكتفي بالإدعاء أنك مسلم وكفى ، فقتلة الخاشوقجي إدعوا بذلك . وقاطعو الرؤوس من الدواعش ، بصفاقة فظة يدعون هذا . ومن قبلهم قال الملك معاوية وولده يزيد ، انهما مسلمان وقد هدما الخلافة الراشدة وقتلا سبطي رسول الله . والمبشر بالجنة أمير المؤمنين عثمان بن عفان ، زوج إبنتين من بنات رسول الله ، قد تم إغتياله ، وهو عجوز صائم في رمضان ، ممن بوقاحة إدعوا بأنهم مسلمون .
ولا يهمني كثيرا ، الاكتفاء برفع الأذان والنداء على الصلاة من مآذن ، فقد رُفِع مثلُها في المدينة المنورة في مسجد ضرار الذي هدمه رسول الله (صلعم) . مما يهمني اكثر وأيضا ، هو رؤية الله في المعاملات ، وأن تكون متفقة مع المقاصد الربانية في الإيمان .
لا يهمني إن تحجَّبَتْ أو تجَلْبَبَتْ حرم هذا الحاكم أوابنة ذاك ، أو إن صام هو وصلى . ففي البال الكثير من الأمثلة على منافقين سابقين ومعاصرين . إنَّ ظاهرَ إيمان كل فرد وباطن عباداته ، هي أمورمتروكة لرب كل الناس وحده ، فهو بها الأدرى .
وفي بالي ككل عربي حر ، كل ما قد اكتوت به قضايا أمة العرب ، من غدر المتصهينين العرب وغير العرب ، أقول لمن لا يفقهون من سحيجة وتجار وَهْمِ الكَيْفما كان ، أنَّ جُلَّ ما يعنيني كعربي من أمر أردوغان ما يلي :
أولا – منظوماتُ حلف الناتو في تركيا ومشاريعه العدوانية .
ثانيا – تحالفه الوطيد السري والمعلن ، مع الصهاينة عسكريا واستخباريا واقتصاديا.
ثالثا – إحتلاله المرفوض لتراب عربي عزيز ، في كل من سوريا والعراق وليبيا وقطر .
رابعا – مع اعتراضاتي على الكثير من سياسات قطر والسعودية ، أسأل عن سحيج يفسر لي ، سبب تواجد أردوغان في قطر، غير العمل على إيقاع الفتنة بين بلدين عربيين مسلمين متجاورين ؟!
خامسا – أهناك سحيج آخر ، يفسر لنا لِمَ يُقاتل أردوغان في ليبيا ، ولا يُقاتِل في فلسطين المحتلة ؟! ولِمَ يُقاتل بمرتزقة لا بأبناء جلدته ؟! إنّه كرعاة الماشية ، يَتحرّى رائحة الكاز وطعم السولار ولون الزفت ، ( ماء وعشب الزمن المعاصر ) .
سادسا – أما حكاية وقف أياصوفيا كما يروج السحيجة ، فليس من شأني مناقشة أدلة تاريخية تصح وقد لا تصح ، ولا مناقشة مبررات تتلبس لبوس الدين صدقا أو نفاقا . ولكني أذكرهم بأن كل فلسطين وقف عربي وإسلامي أهم مليون مرة من أيا صوفيا . وأذكِّرهم بأن اعتراضنا منصبا في الأساس ، على المبرر والتوقيت والطريقة . التي تفوح منها كلها شبهات كثيرة تزكم الانوف ، ولا تخدم إلا التضليل الصهيوني ، وصمت الأتباع ، وتقاعس القَواعِدِ منْ عرب .
وفي البال زيارات أردوغان شخصيا ، للعدو الصهيوني المحتل لفلسطين ، وملاقاة قادته ، والتطوع بوضع أكاليل الزهور على نُصُبِهم التذكارية ، أقول بالفم المليان ، لا يهمني ما يقوله عن غزة العزة ، فآخرها مهزلة الباخرة التركية مرمرة ، التي قتل الصهاينة مواطنيه فوقها ، ومصالحته البائسة على دمهم .
ولعل أبرز التحديات لعشوائيات أردوغان في بلاد العرب :
اولا – إخراج تركيا نهائياً من حلفي الناتو والصهيونية .
ثانيا – كي لا يبقى شوكة في خاصرة العرب ومشاريعهم النهضوية ، عليه الخروج الفوري من التراب السوري والعراقي والليبي والقطري ، والمساعدة الايجابية على استعادة وحدة الاراضي العربية وسيادتها على أراضيها .
دون ذلك ، فإن بهلوانياته في المشاهد الإقليمية ، ستبقى مضطربة وموضع شك ، والخط البياني لمقاومتها في تصاعد مضطرد. وتتوسع دوائر الاشتباك معها .
اما صديقي مهندس الكهرباء ، الذي ادّعى بأن : حذاء أردوغان على علاّتِه ، أشرف من رؤوس كثير مِنْ حكام العرب ، فأود أن أؤكد له ، بأني لستُ مُعارِضا لجلِّ ما يدعي . بل وأضيف لما قال : إنْ وافقتك على ما قلت : إعلم ساعتَها ، أنَّ حذاء جنرالٍ من أطفال فلسطين ، أو بناتها أونسائها أو رجالها ، هو أهم وأشرف بكثير ، من السلجوقي العثماني الذي تنتصر له ، ومن التابعين والأشباه ، في مواطن العرب وممالك الرمل والقلق .
الاردن – 19/7/2020