مكتبة الأدب العربي و العالمي

حكاية النملة و جارتها البخيلة من أدب الحكمة

في سالف العصر و الأوان كانت تعيش قبيلة من النّمل في أصل شجرة كبيرة .وذات يومٍ ، اشتدّت برودة الطقس كثيرًا، وهطل المطر بغزارة، فهربت اسراب النمل إلى بيوتها خوفًا من المطر والبرد، وبقي المطر يتساقط أيامًا عدة، ممّا منع النمل من الخروج. ونفذ الطعام عن نملة فقيرة ،و أحسّت بناتها بجوع شديد وذهبن إلى أمّهن و هنّ يبكين ،ولم تحتمل الأم دموع بناتها ،و قرّرت أن تذهب إلى جارتها البخيلة لتطلب منها شيئا ،وكل النمل يعرف حذقها و تقتيرها . طرقت الباب وفتحت لها، وطلبت منها فتات طعامها لبناتها.
ولكن النملة الجارة تعللت بأن مؤونتها التي تحتفظ بها قد نفذت ولم يبق عندها شيء، لكن.في الحقيقة كانت الجارة تكذب، قالت في نفسها اذا تواصل المطر فستنتشر المجاعة في قرية النمل، وبفضل ما ادّخرته سأنجو من الهلاك، هكذا اعتقدت ،وتصرفت بأنانية كبيرة ولم تفكر في غيرها أبدًا .
فعادت النملة الأم من عند الجارة حزينة جدًا وهي تعلم أن جارتها لم ترحمها ،و لم تكن النّملة الأمّ تدري ما تصنع، فما كان منها إلا أن رفعت يديها باتجاه السّماء، وأخذت تدعو الله تعالى بأن يرزقها و ينقذ بناتها من الجوع .
ولأنّها دعت، و بكت بحرارة استجاب الله دعائها ،و توقف هطول المطر فجأة، وأشرقت الشّمس من جديد، وخرجت النّملة ووجدت في طريقها سنبلة كبيرة حملتها الرّيح ،والقتها امامها ،و تعاونت مع بناتها لنقلها إلى بيتها ،فأكلت منها هي و بناتها ،و خزنت الباقي ،و كان مقدارا كبيرا.
لكن فترة الصّحو لم تدم كثيرا و بعد يومين عاود المطر الهطول و بغزارة ،و لم يستطع أحد من النّمل الخروج قالت النّملة البخيلة سأفتح خزائني فما فيها يكفيني لشهر لوحدي، لكنها عندما فتحت الدّهليز الذي تضع فيه طعامها اكتشفت أنّه تعفّن ولم يعد يصلح منه شيئ ،أصيبت بالدّهشة كيف يحصل هذا لقد أكلت منه قبل يومين وكان جيدا ،فهمت أن ذلك كان عقوبة من الله على جشعها و بخلها على بنات جارتها ،وبعد مدة اشتد بها الجوع ،ولم تجد بدّا من الذّهاب الى جارتها التي سبق أن اطردتها، و تركتها لمصيرها لكنها كانت خائفة ان لا تعطيها شيئا
لكن النّملة ام البنات رحّبت بها ،ولم تعاملها بالمثل، وتذكرت حديث الرّسول الذي أوصى بالجار، وقالت أنا لن أقابل السيئة بالحسنة ،وبهذا صنعت النملة الكريمة معروفا لا يُنسى، واثنى على كرمها جميع النمل وأوصت النملة بناتها بالكرم، وأن لا تتصرفن مع الآخرين بأنانية . كما أن النملة الجارة تعلمت درسًا مهمًا، وعاهدت على نفسها أن تتوب عن البخل، وتتصدّق بنصف مالها على فقراء النّمل
يا بني آدم لا تردّ من يقصدك وارحم من في الأرض يرحمك من في السّماء .

حكايا زمان

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق