نشاطات

كنتُ ميتاً ــــــــــــــ قصة قصيرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ مهند طالب
بعد ليلة مرهقة شربت فيها أكثر من قنينتين من الويسكي كنت ميتاً سريرياً , اذ ان هذ الانتحار الذي اخترته نجح مفعوله , الآن تحقق ما اردت , لكن ما يحيرني ما زال عقلي يفكر ؟ هل يستمر العقل بالتفكير بعد الموت ؟ فانا لا اشعر بان لدي وجه او يدين او قدمين !! فقدت الاحساس باطرافي كلها , لكن الشيء الوحيد الذي يثبت حياتي هو التفكير , فأين العدم الذي توقعته ؟ كنت أعتقد ان العدم هو تلاشي مفاجئ ينتهي معه وجودي كلياً وينقطع عن العالم بدون أي اثر , فهل ما اعانيه الان هو تحول وهجرة للنفس , او لعله نوم بلا حلم او مسحة خالية من الالم ,الآن علي أن أفكر في المكان الذي فيه الآن , فانا الآن شعور فقط لا عينان لا لسان لا سمع لا تذوق , حتى جسدي لا اعرف اين هو الان هل هو في ثلاجة الموتى ام ما زال في الحانة ام في المستشفى ام تحت التراب في القبر , كنت اقرأ عن سقراط خلود النفس فهل هذا الشعور هو شعور النفس ام الروح ام ان عقلي لم يمت ام تراه التحق عقلي بروحي ولم يبقى مع جسدي ؟ افترض جدلاً ان هذا الشعور الآن هو النفس أو الروح , فما هو عالمي الآن هل سأبقى عالقاً في هذا الشعور ؟ اين الجنة اين النار !! أين الملائكة أين الشياطين , لماذا لا اجد شيء مما علمت عن العالم الاخر , لعلني الان في عالم البرزخ اتطهر من دنسي وذنوبي لعلني محبوسا في قمقم اُعاقب على آثامي , يقول ديكارت ان انفسنا تبقى بعد اجسادنا , لكن ما يحيرني الان هل انا النفس الان ام العقل , وهل تفكر النفس كما يفكر العقل ؟ من الافضل ان استدعي احد ما ان اصرخ استغيث باحد ليُجيبني على ما انا فيه من الحيرة , لكن كيف اتكلم كيف اصرخ ؟؟؟ وانا لا املك سوى هذا الشعور , سوف اتوقف عن التفكير وانصت لعلني اسمع صوتا او يجيئني خبر ما . ………………………………………..
لا ادري كم سنة صمتت فقد اوقفت تفكيري والهدوء هنا موحش قبيح يكاد يكون تعذيب من نوع ما , يلتني املك لسانا الان لاصرخ لاصيح لعل احد ما يسمعني , او لعل احدهم يتعمد تغريبي في هذه الشعور والتفكير العميق , حسنا لا بأس ما دمت لا اشعر بالالم فليكن ما يكن سوف اتذكر الاشعار والقصائد والقصص , سوف اعيش لحظات القراءة بكل شغف , من الافضل ان ابتعدى عن التفكير بمكاني وحالي فلاتفرغ للانصات لذاكرتي , سأعود لطفولتي الان سأبدأ تدريجيا بالنمو حتى اكون شابا يافعا واستحضر تلك الصبايا التي غمرني باحضانهم وقبلاتهن وتلك الكؤوس التي دارت برأسي اه من تلك الغجرية اللعينة , يا لها من انثى غريب جدا وعجيب اسلوبها في ممارسة الجنس , انها شيطانة الجنس فلديها جحيمها العجيب , كنت اغيب عن الوعي ولا اشعر باحضانها سوى بالنشوة تأخذني في بحر من العدم كأنني سمكة وحدها في المحيط تبحث وتستكشف المحيط , ثم ان هذه الغجرية كانت صلبة قوية ذات قبضة شديدة , فهي تمزق بجسدي وتجعل من نشوتي مزيج من الالم والشبق , كانت تشرب بكثرة ولا يؤثر بها كأنها تشرب الماء , اتذكر كيف انها بكت تلك المرة باحضاني رغم انها قوية ولا تؤمن بشيء ابدا , سألتها لما البكاء ! قالت لي انها تتمنى ان تثمل ان تسكر , لقد تخطى جسدها الثمالة فهي تشرب اكثر من عشرة انواع من الكحول ومع ذلك لا يؤثر فيها , قلت لها ولما تريدين السكر والثمالة ؟ نظرت إلي باستغرب وضربتني بكفها صفعة جعلتني افقد وعيي , يا لها من امرأة عجيبة بل هي بنت ابليس حتما , لا يوجد هكذا صنف من النساء , كيف تكون انثى بهذه القوة والانوثة ومع ذلك فهي لا تسكر ولا تثمل ابدا مهما شربت , باعتقادي هنالك خللا ما في انسجتها الحسيّة فاقدة للشعور جعلتها لا تشعر باي انعتاق عن العالم المادي , أتذكر .. أتذكر .. أتذكر ..أتذكـ .. أتـ ….. ………………..
يا الهي ما هذه الحالة ؟ لقد انتهت ذاكرتي لم يبق شيء لم اتذكره لم يبق خيال لم ارسمه , ما هو الحل لماذا انا عالق في شعوري هذا , هل حقاً ان هذا هو عذابي ؟ كم سنة وانا عالق هنا في شعوري وتفكيري , فجأة أنفجر وهج عظيم .. أنفجر ثانية … ثالثة … وهج كبير جدا كأن شعوري تحول الى كتلة ضوء عظيمة , يا الله الان أرى الظلام , ظلام كبير يحيط بي , اشعر بعيوني برأسي , الان جسدي ينبض , اشعر باطرافي , يا الله يبدو ان فترة تطهيري انتهت , هه رموشي تتحرك , انبثقت نافذة ضوء خفيف باهت جدا , ضباب …… ضوء ….. هل سيجيء الملائكة يقودوني الى الله , انا الان في غرفة بيضاء وفوقي كواكب مشعة قوية الضوء ساطعة , انها خمسة , او ربما سبعة , ظهر وجه رجل من خلفها , صوت ………….. أنه حي , لقد عاد الى الحياة , كان رجل يضع كمامة على فمه وانفه , انه رجل المستشفى , ضربني بضعة صفعات خفيفة , هزني …. استيقظ يا رجل هيا .. فتحت عيني بصعوبة , شفتاي تتحركان بصعوبة بالغة , قلت لهم : لعنكم الله ايها الاوغاد هل عدت للحياة ؟ وربي لاحرقنكم ان عدت للحياة , الويل لكم ان عدت لا تبقوا … اهربوا مني سيكون موتكم شنيعا . وفجأة أغمي علي , لاكون بعدها راقدا في المستشفى وانا افكر بذلك الموت الذي مررت به , لم يكن موتا ابدا … ابدا .

مقالات ذات صلة

إغلاق