مكتبة الأدب العربي و العالمي

#الساحر_بنشكين الجزء الخامس والاخير

ومع ذلك فمن المستحيل أن يصاب الببغاء بجرح، أولاً بسبب عدم إمكانية الوصول إلى ذلك البلد، وثانياً لأنني وضعت لحراسته آلاف الجن الذين يحيطون بأشجار النخيل، والذين يقتلون كل من يحاول الاقتراب من المكان».

أخبرت «بالنا» ولدها بما ذكره الساحر، لكنها توسلت إليه
أن يتخلى عن فكرة الوصول إلى الببغاء.

لكن الأمير رد قائلاً: «أمي، ما لم أقتل ذلك البغاء، لا يمكن
تحريرك وأبي وأعمامي من الأسر، لا تخافي، سأعود سريعاً، وفي الأثناء حافظي على علاقتك مع الساحر وواصلي تأجيل زواجك منه بحجج مختلفة.
وقبل أن يكتشف سبب التأخير، سأكون قد وصلت» .
بعد أن قال ذلك، انطلق مغادراً.

وقطع أميالاً وأميالاً حتى وصل أخيراً إلى غابة كثيفة، وبسبب ما ناله من التعب، استلقى تحت شجرة ونام، ليصحو بعد حين على صوت فحيح خفيف،وحين نظر من حوله، شاهد أفعى كبيرة تشق طريقها إلى عش
نسر أعلى الشجرة التي كان يرقد تحتها، وفي العش كان هناك فرخان صغيران.
وبعد أن شاهد الأمير الخطر المحدق بالطائرين الصغيرين، استل سيفه وقتل الأفعى.

وإذا به يسمع جلبة في الهواء، وحين نظر رأى النسرين الكبيرين وقد عادا إلى فرخيهما بالطعام.

وسرعان ما شاهدا الأفعى الميتة والأمير الشاب يقف
فوقها، فقالت أم النسرين: «يا ولدي العزيز، لسنوات ظلت
تلك الأفعى الشريرة تبتلع صغارنا وها أنت الآن قد خلصتنا منها

وأنقذت حياة صغيرينا، فإذا ما احتجت في أي وقت لمساعدتنا ما عليك سوى أن ترسل في طلبنا وسنأتي فوراً، أما هذان الصغيران فخذهما واجعلهما خادمين لك».
سعد الأمير بهذه المساعدة، وفرد النسران الصغيران
أجنحتهما، وحملا الأمير بعيداً فوق الأشجار الكثيفة
حتى وصل إلى البقعة التي نمت فيها أشجار النخيل، ورأى في وسطها الأحواض المليئة بالمياه. كان النهار قد انتصف، وصار الجو حاراً جداً، وانتشر الجن نائمين حول الأشجار .

كانوا بالآلاف، فيستحيل تماماً على أي شخص اختراق
صفوفهم.
هبط النسران الصغيران القويان وقفز الأمير عن أجنحتهما وفي لحظة قلب أحواض الماء الستة، وأمسك بالببغاء الأخضر الصغير ولفه في عباءته، وبعد أن ارتفع في الهواء مرة أخرى، استيقظ الحراس الجن، وبعد أن اكتشفوا أن كنزهم قد فقد، أطلقوا صرخة غريبة مفعمة بالأسى.

حلق النسران الصغيران حتى وصلا إلى بيتهما في الشجرة الكبيرة، ثم قال الأمير للنسرين الكبيرين: «ها أنا ذا أعيد لكما صغيريكما، لقد أسديا لي خدمة جليلة، وإذا ما احتجت إلى المساعدة، فلن أتردد في طلبهما منكما».

ثم واصل رحلته مشياً حتى وصل مرة أخرى إلى قصر الساحر، حيث جلس عند الباب وبدأ باللعب مع الببغاء.
شاهده بنشكين وسارع إليه قائلاً: «يا ولدي، من
حصلت على هذا الببغاء؟ أعطني إياه، أرجوك».

لكن الأمير أجاب: «كلا، لا أستطيع أن أتخلى عن ببغائي،
إنه طيري الحبيب، وقد قضى معي سنوات طويلة».
فقال الساحر: «إذا كان طائرك المفضل منذ زمن طويل،
أتفهم أنك لا تستطيع التخلي عنه بسهولة، ولكن، قل لي، بكم تبيعه؟ » .

رد الأمير: «سيدي، لن أبيع ببغائي».
شعر الساحر بالخوف وقال: «أعطيك أي شيء، أي شيء،
قل أي سعر تريده، وسأدفعه لك».

رد الأمير: «حرر أبناء الأمير السبعة الذين حولتهم إلى صخور وأشجار على الفور».

قال الساحر: «اعتبر ذلك منتهياً، فقط أعد لي ببغائي».
وبذلك، وبضربة من عصاه، استعاد زوج «بالنا» وإخوته
أشكالهم الطبيعية، ثم كرر بنشكين: «الآن، أعطني ببغائي».
«ليس بهذه السرعة، يا سيدي، أطلب أولاً أن تحرر كل البشر الذين احتجزتهم».

حرك الساحر عصاه فوراً مرة أخرى، وبينما يصرخ مستجدياً «أعطني ببغائي! »عادت الحديقة بأكملها فجأة إلى الحياة، وحيث كانت الصخور والأحجار والأشجار، قفز الأمراء والقادة والجند، والرجال الأشداء على ظهور خيولهم الوثابة، وغلمانهم المرصعون بالمجوهرات.

صاح الساحر: «أعطني ببغائي». أمسك الأمير بالببغاء
ومزق أحد جناحيه، فإذا بإحدى ذراعي الساحر تسقط أرضاً.
فمد ذراعه الأخرى صارخاً: «أعطني ببغائي!».

فمزق الأمير الجناح الثاني، ومعه سقطت ذراع الساحر الأخرى.
صرخ: «أعطني ببغائي».
وخر على ركبتيه.
فمزق الأمير قائمة الببغاء اليمني، ومعها سقطت رجل الساحر اليمني، ثم خلع القائمة اليسرى، فانخلعت رجل الساحر اليسرى.

لم يبق منه شيء سوى الجذع المبتور الأطراف والرأس.
ولكنه واصل تدوير عينيه وصرخ: «أعطني ببغائي»، فصاح
به الأمير: «خذ ببغاءك»، وبقوله هذا فصل رقبة الطائر ورماها على الساحر، وما إن فعل بذلك، حتى دار رأس بنشكين قليلاً،وبصوت أنين مخيف، مات .

بعدها، أطلق سراح «بالنا» من البرج، وعادت وابنها والأمراء السبعة إلى موطنها، وعاشوا سعداء بعد ذلك إلى الأبد، ومعهم بقية العالم

حكايا العالم  الاخر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق