مقالات

من مدارس الحياة.. قصة واقعية كما هي..

الاعلامية التونسية حنان لعريض

قد لا يعنيكم ما سأقول ولكنه يعني لي الكثير.. انا على يقين انه سيهزكم هزا وتتحرك فيكم هِمم كثيرة..
هل نحن فعلا ندرك ما معنى الام والاب؟.. هل ندرك حقا معنى الوالديْن؟.. وهل نحن اهلا لذلك؟ وهل فعلا للمرأة حقوقها واعيادها الوطنية والعالمية وعيد الام وعيد البنات وعيد طلع شنوه ام انها مجرد شعارات تُرفع في تاريخ ما فينعق معها الناعقون ويتفاعل معها الساسة من باب الواجب المهني وتلميع صورهم وفرصة لتصدرهم عناوين الاخبار ومضامينها..
سأنقل لكم جملة من الأحداث ولكم أن تعتبروا منها وجميعها من العِبر..
امس وانا مسافرة من العاصمة لمدنين، خذيت القطار لڨابس سمعت ثما قافلة صحية في قابس في القطار.. وقت وصلنا عملت عليهم طلة.. الناس مكدسة على بعضهم رغم عندهم كراسي والوزارة منظمة كل حد ورقمه.. قايمة واضحة والفرملي ينادي بالدور.. ثما شويا ملاحظات اما عموما لباس.. لباس الناس الكل..
تمشيت لمحطة الشركة الوطنية للنقل بين المدن SNTRI.. باش ناخذ الكار..
عندي احباب لازم نسلم عليهم والحق توحشتهم زاده.. مكانتهم خاصة عندي.. هوما اولاد La SNTRI الكل ما شاء الله عليهم.. اول ما وصلت نظمت اموري.. عرفت يلزمني نستنى نصف ساعة باش نخرج لمدنين..
مشيت قابلت الأخ والصديق العزيز Hatem Fares ضحكنا شويه وسلمنا على بعضنا وقصد هو ربي لمدنين.. كان المفروض انا زاده نمشي معاه اما انا اخترت الكار لي بعدها خاطر نحب نشوف زميله توفيق ونسلم عليه.. حاتم وتوفيق مكانتهم عندي عزيزة وغالية.. هوما يخدمو في La SNTRI.. انا نهز التلفون ونقلهم نحب بلاصة مروحة من نلقى منهم كان الخير.. نعرف كان وقت نوصل المحطة ندفع فلوسي وكهو.. والحق كيفهم كيف الزملاء متاعهم في العاصمة ومدنين وعدد كبير من سائقي حافلات La SNTRI.. حتى إذا وقتها موش خطه يكلم زميله يتفاهم معاه يخليلي بلاصة ويوصيه عليّ.. انا نحبهم كلهم بلا استثناء ومعزتهم عندي بالحق كبيرة برشا برشا توه أعوام واعوام وموش الأسطر هذي باش تفيهم حقهم..
نرجع للحكاية الأصلية وهي حق الوالدين ومكانة المرأة في المجتمع..
بعد ما سلمت على توفيق (عون شباك بالمحطة)، شديت كرسي نستنى ربع ساعة موعد سفري.. جات قعدت بحذايا سيدة كبيرة في العمر وأصلا الفقر والحاجة زادت في عمرها لي انا معرفتوش قداش اما اكثر من 60 عام برشا.. هي قعدت بجنبي.. وأنا تلفتت لها واهتميت بها.. وانا نراه واجب أنّ الناس الكبار نتحدثو معاهم خاصة في السفر خاطر كله مشقة ويلزم نخففو عليهم.. ودار بيناتنا حوار.. سألتها وجاوبتني..
انا: وين قاصدة ربي يا عزيزة..
هي: سوسة.. باش نستنى الكار تخرج العشرة متاع الليل..
انا: سوسة!! العشرة متاع الليل!! باش تستنى الكار هنا حتى العشرة متاع الليل!! عندكش أقارب تمشي بحذاهم..
هي: لا يا بنيتي.. وصلت من لربعة متاع الصباح عندي مشوار والراجل تحيّل علينا ريحة ريحتو مثمش.. ومشيت قداش من روضة قلتلهم راني جيت من سوسة تاعبة نجمش نرتاح بحذاكم حتى حد ما قبلني..
انا: انت علاش تمشي الا في الكار.. هي نهزك للواج تروحي تو مادام ما عندك شكون تستنى..
هي: بنيتي في الكار نركب بلاش.. هاهو الكرني لبيض متاعي.. وراس بنيتي لا عندي حتى فرك..
واحنا هكاك جات شابة عشرينية جابتلها كعبة يوغرت ودبوزة ماء صغيرة..
في الاثناء سألتها بقداش اللواج قابس سوسة.. قتلي بـ 23 دينار.. ناديت خونا توفيق من شباك المحطة..
انا: الحاجة ماشية لسوسة وقالت كان العشرة متاع الليل وتوه 15:00.. انا منخليهاش 7 ساعات تستنى في عمر امي.. توفيق: لحظة تو نتصرف.. تو نلملها..
ستنيت شويا.. وسألتها وعرفت أنّ اللواج ما تقلقهاش فقط مشكل فلوس.. وهي تسكن في ريف في سوسة يلزمها نقل ريفي.. تعقدت لحكاية في مخي.. يلزم الحاجة تغادر في أسرع وقت.. مشيت لتوفيق وقتلو عملت اتصالاتك؟ ثماش حل.. قلي تو نلملها فلوس حق اللواج منخليهاش.. انا زدت دخلت بعضي.. علاش تلملها.. انا نخلصها اللواج.. استعنت بيك قلت لعلّ عندك حل في كار.. قلي لا.. ايا مديت انا 40 دينار.. قلت نلقاش صرف خاطر نعرف مشاكل الصرف في شباك اللواج.. توفيق أعطاني 3 دينارات لي فوق العشرين..
هزيت السيدة الام العزيزة الغالية للواج وهي تدعيلي موش مصدقة.. وكل مرة تقلي حكاية.. الحق موش مركزة معاها انا في حتى شي.. السيد في شباك محطة اللواج اول حاجة طلبها مني هي الصرف.. قلي مدام معنديش صرف انا.. مديتلو 23 دينار بالضبط.. أعطاني التيكي.. هزيت السيدة معايا للواج.. وصيت عليها اللواجيستي بعد ما مديتلو التيكي عيش خويا ردلي بالك عليها راهي تاعبة برشا من لربعة متاع الصباح.. هنيني عليها في السفر وهبطهالي وين هي تقلك خاطر تسكن في الريف قبل سوسة يلزمها نقل ريفي.. الحق هو كان سيد الرجال وكانت محل اهتمام الجميع في المحطة..
انا قلتلها هات تلفونك نطلب به رقمي باش نتفقدك.. انا اسمي حنان.. وانت؟ قالت فاطمة.. تفاهمنا امي فاطمة زيد خوذ الفلوس هاذم باش تفطر بيهم وقت تاقف اللواج في الاستراحة واعمل توالاتك.. استحفظ ع الباقي باش تاخذ النقل الريفي.. ربي يحفظك يا غالية وطريق السلامة..
شفت الدمعة في عينيها وهي فارحة تدعيلي بالسترة ورحمة الوالدين ورضاهم.. شفتها كيفاش تحب تعنقني وتبوسني.. في آخر لحظة بعدت حشمت.. عنقتها انا وبستها.. هذكا واجبي يا غالية وانت راك عزيزة علينا التوانسة الكل وامنا الكل ونحبوك الكل انت راك تاريخ تونس.. 71 عام راهو من قبل الاستقلال واش ناضلتو على تونس يا يا غالية.. السيد اللواجيست تو يوصلك وين انت تحب..
كل مرة بقيت نتفقدها.. كلمتها مع 18:00 بالضبط.. لقيتها فارحة علخر.. قتلي توه وصلت لداري.. خبرتني لحكاية كاملة..
انا: متعبتش في الطريق؟ فطرت وقديت امورك؟ وصلك وين انت تحب؟
هي: الحمد لله.. وقفنا في استراحة الحنشة.. مافطرتش قلت نستحفط ع الفلوس باش نهز بهم قفة ولدي الجمعة الجاية.. اي وصلني وانا عملت stop.. بنيتي منكذبش عليك مستحقة فلوس..
تغششت عليها، انا: يا أمي فاطمة كيفاش ماتفطرش وانا نوصي ونعاود.. كل حاجة في بلاصتها.. يطيحلك السكر ويضعف بدنك.. وشنيه حكاية قفة ولدك.. وعلاش stop..
هي: ماني نقول الفلوس تعاوني.. ولدي عندو 9 شهور في الحبس على النفقة.. مريض ميخدمش عندو جرثومة في المعدة عارفينو جماعة الحبس.. مكسوبه بنية. مرتو شاكية به..
انا: تشكي براجلها في الحال هذا… قداش عمرها.. فاش تخدم هي.. علاش موش هي تاقف معاه وتعاونو..
هي: عمرها 40.. متخدمش.. تحب شكون يصرف عليها وكهو..
انا: وانت منين ليك؟ أولادك لخرين شبيهم مياقفوش معاك..
هي: الحق بنيتي الناس تعاون فيا.. يعرفو حالتي.. من وقت جاتني جلطة معاش نجم نعمل شي حتى السمع نقص برشا.. حتى ولدي لاخر معرس بلاش خدمة وانا لي نعاون فيه..
انا: ياخي انت مازال فيك طميعة في هالعمر.. هوما علاش معرسين ويجيبو في الذري كيف باش تعانيهم انت.. وكنتك ثماش شكون يفيقها على روحها.. تو هذي بالحق هذا حد مخها..
هي: يا بنيتي اش باش نحكيلك.. ربي يهدي ويفرج على وليدي.. والحمد لله.. قبل كنت نعمل حنة وحرقوس نعاون في روحي شويه شويه.. مع الكبر والمرض وزدت تجلطت من حال أولادي ميمتك معاد عندي قدرة… وين حد يحن عليا نعاون بهم أولادي هوما ونساهم وذرهم.. فرحتهم هي فرحتي.. هوما ابجل.. ميسالش بنيتي كي نكلمك تهز عليا.. نسمع صوتك ونسلم عليك.. وقت نصب فلوس في تلفوني.. هو ولدي مربوط في زغوان مرات نمشيلو.. ممكن نهار الجمعة كان لقيت ركوب وتو نحكيلك شنوه صار..
انا: بالطبيعة كلمني وقت ما تحب.. انا نهار الجمعة في تونس اذا تحب نجيك لزغوان…
هي فرحت برشا برشا… قتلي اش خص كان نشوفك حتى في المستير على الاقل نركب في الميترو بدينار.. قلتلها باهي يا غالية نجيك انا للمستير.. زادت فرحت اكثر وقتلي اش خص تجيني لداري ونفرح بيك بنيتي..
وأنا نتبع في لحكاية وماخذه في خاطرها.. يعلم ربي بحالها وتزيد تضيفني في دارها.. تي انا عطيتها باش تشري فطروها بقات جعانة واحتفظت بالفلوس باش تعاون بيهم عايلتلها.. حتى معلوم النقل الريفي لي هو دينار والا اقل احتفظت به.. باش تضيفني انا وتفرح بيا.. شفتو علاش الناس هاذم احباب رسول الله وأشرف خلق الله.. شفتو علاش المرأة واعيادها موش شعارات وتصاور مسؤولين… شفتو علاش يلزم نهتمو بحياتهم اليومية وتمكينهم الاقتصادي.. امي فاطمة قالت عمرها 71 عام.. معناها من عام 1952.. تولدت في الاستعمار الفرنسي لتونس وهي تستعد للاستقلال.. المفروض السيدة هذه تاج على رأس التوانسة الكل.. هذه تاريخ تونس وشاهدة على العصور.. المفروض ننظر إليها بعين أخرى.. الناس المتأثرة بالخارج نقلهم امرأة في عمرها لا تعامل بهذه الطريقة… متخذش كرني ابيض متاع حامل إعاقة.. هذه تاخذ وسام النضال من أجل الوطن… تسمعو بحاجة عند الغرب اسمها Synergie والا التآزر بين الاجيال.. والا كلمة التعاطف Empathy.. في الخارج يعلموك تحس بالناس لي اكبر منك وتحط روحك في عمرهم وفي تحدياتهم باش ترحمهم وتحسن معاملتهم وتقول انا غدوة باش نكبر كيفهم.. كما امي فاطمة ثما برشا برشا امهات… تعلمو تحبو والديكم بالصحيح وتحنو عليهم باش تتعلمو تحبو غيرهم.. الوالدين مسؤولية كامل المجتمع.. لي غير قادر على اعالة نفسه مايزيدش يثقل على والديه… العرس راهو رحمة بين الزوجين وسكينة موش قضايا في المحاكم ونقمة.. رعاية الوالدين وكفالتهم راهم واجبنا الناس الكل حتى منعرفهمش.. ميلزمش الجيل لي أكبر منا يشوف لي احنا بلاش رحمة وناكرين جميله وتضحياتهم ومساهمتهم في بناء الوطن..
لا نحتاج للكوارث والجوائح والحروب والافات حتى نتراحم فيما بيننا.. نحن جسد واحد داخل هذا الوطن.. تونس امنا جميعا.. هي البطن التي وُلدنا من رحمها…
من يريد مساعدة هذه السيدة الراقية بإمكاني تقديم رقم هاتفها…
تحياتي للجميع والله ارحم الراحمين  وسيظل قلبي الصغير اخضرا  ينبض بالعرفان للجميع..
حنان لعريض

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق