خواطر

كتبت الشاعرة الفلسطينية حفيظةابراهيم ….مرت سنة2022

و يبدو انني إستسلمت فيها لواقعٍ ذات إيقاع سريع،
تسارعتْ فيه وتيرة حياتي اليومية بواقعيتها و خطواتي فيه اصبحت اكثر متعة بتفاصيلها, فإستحوذت على كل وقتي, وطاقتي وكل مساحة من تفكيري.
كنت بحاجة إلى أن أُوسع أُفق حياتي في جميع ألإتجاهات , و أن ألتقي بالأهل والأصدقاء وجهاً لوجه بعد السنتين الفائتتين التي عانى فيها معظم سكان العالم من قيود الحظر الاجتماعي الذي كان يخف حيناً ويشتدُّ حيناً آخر. لم أستطع كبح جماح نفسي, فأطلقت العنان لأَروي عطش ألتواصل المحسوس مع العالم الذي يراني وأراه, متلهفة الى دفئ اللقاءات مع اصدقاء قدامى و للحظات أقضيها بين افراد العائلة الودودة و أحضان اخواتي الحنونة التي كنت أتوق الى معانقتهن . سافرت أكثر من مرة واستقبلت الكثير من الأعزاء… فأستهوتني الحياة اليومية التي تحمل لي في كل يوم لقاء واقعياً جديداً…
مرَّ الوقت الثمين سريعًا ، لكنه لم يذهب هباء. فقد إستطعت خلال العام المنصرم من تحقيق جزءً كبيراً من امنياتي المرجوة و أُنجز الكثير من المهام التي كانت مؤجلة و أُحقق النجاحات على اكثر من صعيد. كنت غالباً لا أجد الفرصة المناسبة للتواصل عبر شبكات التواصل الاجتماعي فيؤجل الموضوع, وأحيناً أُخرى أتردد من ألإنتقال من واقعٍ شيق إلى عالمٍ افتراضي. وكم من المرات راودتني نفسي لكتابة منشور صغير او مُداخلة عابرة بعد الانتهاء من كتابة اطروحة ما , او بعد الفراغ من قراءة احدى الروايات, إلا لأجد نفسي غافية على صفحات الكتب التي كنت غارقة في قرائتها . كنت أُمَنّي النفس بالتريث حتى يستاهل الكلام القراءة, كنت أُقنع نفسي بين الفينة والفينة بالتساؤل: ” من يهتم اصلا الى تفاصيل حياتي حتى اضعها على صفحات التواصل ؟!؟”
وأستهواني الحال , إلى أن بدأتْ الإتصالات على الماسنجر تتكرر و تتراكم من أصدقاء ومتابعين: ( وينك؟ ليش غايبة عنا كل هذه المُدّة؟’) فما أحببت ان أخذلهم بعدم الاجابة.
خلال سنة2022 استرسلت في دراساتٍ عُليا من خلال دورات مكثّفة تتطلّب الحضور واحدة تلو الأُخرى, وحصلت على شهادات تفوّق في الترجمة (عربي, انكليزي) و ايضاً شهادة في تعليم ( اللغة الانكليزية), كما طوّرت عدّة مهارات قانونية بعد استلامي مهام جديدة تُلائم منصبي الاداري في المنظمة الاجتماعية التي اعمل بها.
انتسبت الى مركز الفنون العربي تحت إشراف الاستاذ جمال الامير الذي افسح لي المجال بالاستمتاع بالمويسيقى العربية الاصيلة وبالتعرف على ابناء الجالية العربية الكريمة من خلال لقاءات أُسبوعية . إلتحقت ببرنامج رواية القصة الفلسطينية من خلال المسرح واصبحت عضوا في الفرقة التي تتدرب على اصول الإداء الدرامي اسبوعياً على يد الاستاذ الياس مطر. إلتحقت ايضاً بنادي الكتاب العربي النسوي, الذي يضم ثُلّة مرموقة من نساء المجتمع الثقافي مثل السيدة شفا جبر, ربيعة برهان, فاتن العُمري كركوتي, إكرام الراسي ، احلام أكرم, أسمهان الكرجوسلي, رباب زين الدين ونهى بكير و غيرهن , حيث نقرأ كتاباً لمناقشته من خلال لقاء شهري. شاركت في الاجتماعات والندوات و المناسبات الوطنية التي دُعيت اليها, بنيت جسور التواصل مع جمعية ( اصدقاء فلسطين في منطقة كريستال بالاس) واصبحت احد اعضائها البارزين. أجريت عدّة لقاءات صحفية كان آخرها لقائي مع الاعلامية الفذّة كابي لطيف من إذاعة مونت كارلو. كتبت القصائد التي إستلهمتُها من واقعي ومشاهداتي على صعيد شخصي و وطني منها ( متحف الغرباء ، و الشهيدة شيرين ابو عاقلة , وكمشة تراب) وغيرها مما لم يُنشر بعد.
أما اهم ما عملت عليه في العام المنصرم هو ديوان شعر مشترك بيني وبين الشاعرالفلسطيني الكبير عبد حوراني, حيث يحتوي الديوان على عشرة قصائد لكلا منا, منها الوطني, الرومانيسي , الوجداني و غيرها . هذا وقد قمت بترجمة قصائد الديوان جميعها الى اللغة الانكليزية مع المدققة اللغوية السيدة الفلسطينية ميسون ناصر, دون ان تمس الترجمة إقاع القصيدة أو استرسال فحواها.. احب ان انوّه ايضا ان الفنانة التشكيلية المبدعة أحلام نوفل سوف تضفي على الديوان لمسة فنية رائعة من لوحاتها الحائزة على جوائز عالمية. هذا الديوان اصبح في مراحله الاخيرة على ان يتم نشره خلال هذا العام…

نعم سنة 2022 كانت مفعمة بالحركة والسعي الجاد. أحسست بنفسي حينها كالمزارع الذي إلتزم بأن لا يبرح أرضه في وقت البذار, بل يعمل ويزرع بجد ونشاط, بصبر وثبات؛ وكله أمل بأن موسم الحصاد لاحقاً سيأتيه بثمار طيبة. وهكذا أنا؛ تمسكت بأرض الواقع و أحببت كل بذرة زرعتها ( على صعيد علمي, عائلي, عملي أو إبداعي ) خلال الاشهر الماضية: جهدت وسعيت و تعبت ذاك التعب اللذيذ, الذي يغزو قلب الانسان عندما تتوسع نشاطاته ومداركه الى أُفقٍ أرحب من المتوقع.

حفيظة ابراهيم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق