اقلام حرة

الرؤى المستقبلية للدول العربية

بقلم : مجدي الهلباوي*
إن الدور الحيوي الذي تلعبه إدارة الموارد البشرية قد أصبح أكثر أهمية في الوقت الراهن من أي وقت مضى ، و يوم بعد يوم فإن معظم المؤسسات تتأكد أن الموارد البشرية هي حجر الأساس و مفتاح النجاح و التميز من خلال تطبيق الإستراتيجيات القائمة على الدراسات السليمة التي تسعى إلى تحقيق الأهداف الإستراتيجية للمنظمات و كذلك البلدان و نحن هنا نعني البلدان العربية ، حيث باتت الرؤى المستقبلية هي المحور الرئيس و المنطلق لتحقيق التقدم في العديد من الدول العربية ، و هناك أمثلة كثيرة على ذلك مثل رؤية مصر 2030 و رؤية السعودية 2030 و الرؤية المئوية للإمارات العربية أو ما يعرف برؤية المريخ ، و كذلك رؤى دول عربية أخرى مثل الكويت و الأردن و العراق و سلطنة عمان و غيرها من الدول العربية .
و من البديهي أن يرتبط تحقيق الرؤى المستقبلية بالتخطيط الإستراتيجي ، و الإستراتيجية كلمة استخدمت أصلا في الحياة العسكرية وتطورت دلالاتها حتى أصبحت تعني فن القيادة في مواجهة الظروف الصعبة وحساب الاحتمالات المختلفة فيها ، واختيار الوسائل الرئيسة المناسبة لها وهي طريقة أو خطة للوصول للنتائج المرغوب تحقيقها في المستقبل بأفضل التكتيكات .و التخطيط الإستراتيجي هو أسلوب و طريقة رؤية الأهداف المستقبلية المطلوب الوصول إليها و تحقيقها في المستقبل وتحويل هذه الرؤية إلى أهداف محددة وخطوات مدروسة قابلة للتحقق طبقا لمعايير محددة و مدروسة.و الرؤى المستقبلية تبدأ بتحديد الرؤية متمثلة في مجموعة الأهداف الإستراتيجية التي ترغب كل دولة في تحقيقها خلال فترات زمنية محددة ، و مما لا شك فيه أن هذ المشروعات الضخمة التي تمت خلال السنوات القليلة الماضية و المستهدف منها خلال السنوات القادمة في بلدان مثل مصر و السعودية و دولة الإمارات العربية ، وغيرها من الدول العربية التي تواجه بعضها صعوبات في تحقيق أهدافها الإستراتيجية للرؤى المستقبلية نتيجة بعض الظروف الداخلية و الأزمات الاقتصادية الدولية و كذلك تأثير جائحة كورونا على معدلات النمو و التطور الاقتصادي في بعض تلك الدول العربية .
ولكي تتحقق الرؤية لابد أن تتحول إلى مجموعة من الأهداف الإستراتيجية التي يجب الوصول إلى تحقيقها من خلال الرؤى المستقبلية ولابد أن يتم تحديد تلك الأهداف في إطار ما يعرف بالأهداف الذكية لقد فشلت الكثير من الخطط الإستراتيجية في بعض الدول العربية على مدار سنوات عديدة مضت نتيجة عدم وضوح الرؤية وعدم تحديد الأهداف الإستراتيجية بطرق علمية و إدارية مدروسة وعدم وضع معايير سليمة لمتابعة مدى تحقق تلك الأهداف .و لذلك كانت نظرية بطاقات القياس المتوازن التي وضعها كل من نورتن و كابلن عام 1992 بجامعة هارفارد من الوسائل الهامة في معالجة الإستراتيجيات ومتابعة مدى تحقق الأهداف الإستراتيجية ،فحينما قام العالمان نورتن و كابلن بدراستهما توصلا إلى أن 90% من الإستراتيجيات لا تتحقق ، نتيجة عدم وضوح الرؤية و الأهداف الإستراتيجية و عدم وجود معايير و مقاييس محددة لقياس مدى تحقق تلك الأهداف.
و تقوم نظرية بطاقات القياس المتوازن على أربعة محاور رئيسية و هي المحاور المالية , العملاء ، إجراءات العمل الداخلية ، و أخيرا التعلم و النمو ،و يتمم ذلك من خلال تحديد الأهداف الإستراتيجية ووضع محددات نجاح تلك الأهداف ، ثم معايير قياس مدى تحقق الأهداف الإستراتيجية للوصول إلى النتائج المحققة و التي هي الهدف الرئيسي من الإستراتيجيات المستقبلية .و مما لا شك فيه أن دولا عربية كبرى مثل مصر و السعودية و الإمارات العربية و الكويت و الأردن قد قطعت شوطا كبيرا لتحقيق الرؤى المستقبلية ، وفي بلد مثل مصر نجد كل تلك المشروعات الكبرى و مشروعات المدن الجديدة و شبكات الطرق الضخمة و مشروع مثل قناة السويس الجديدة ، و كذلك مشروعات مثل البترول و الغاز و الطاقة و المياه و غيرها إلا وهي تتم في إطار رؤية مصر 2030.
و في السعودية نجد و نلحظ تلك التحولات الكبرى في الكثير من المجالات و تميكن المرأة من خلال منحها المزيد من الحقوق و المكتسبات ، أما مشروع نيوم فهو سيكون أحد الأهداف العظمي التي تحققها المملكة في إطار رؤية السعودية 2030 .و تتميز الرؤية المئوية للإمارات العربية بهذا المشروع الضخم و هو مشروع رؤية المريخ و تطلع الإمارات العربية المتحدة لتكون الدولة العربية الرائدة في مجال السفر إلى المريخ من خلال رواد فضاء إمارتيين يتم إعدادهم لتلك المهمة الكبرى التي سوف تتم في إطار الرؤية المئوية للإمارات العربية .
و في النهاية نتمنى لباقي الدول العربية أن تستطيع التغلب على التحديات التي تواجهها في إطار تحقيق الرؤى المستقبلية الخاصة بها وأن تتغلب على الظروف الداخلية و الخارجية التي تعوق تحقيق رؤاها المستقبلية ، حيث أن تحقيق أهداف المستقبلة للعديد من الدول العربية سوف يكون له تأثيرات إيجابية على باقي الدول العربية حيث ستؤثر تلك النجاحات للدول العربية في بعضها البعض مما سيكون له تأثيرات إيجابية على معدلات النمو الاقتصادي وهو بالطبع سيكون له تأثيرات إيجابية في المجالات المختلفة سواء سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية .

* خبير إدارة الموارد البشرية وإعادة هيكلة المؤسسات

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق