مقالات

جلبون1949م، سطو اليهود على البقر/ عزت أبو الرب

تعرض البقر للسطو مرتيْن قبل فرض الحدود بين الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1948م والمحتلة عام 1967م. فصارت تُعرف عند الناس قبل تعديل الحدود التي فرضتها حكومة الإنتداب البريطاني لصالح اليهود بالمنطقة الحرام؛ أي ليست للعرب ولا لليهود. لم تستجب الناس لتلك القرارات الإنكليزية الظالمة، واستمروا في فلاحة ما أمكن من أراضيهم، وإطلاق أنعامهم “مواشيهم” كالمعتاد في جبالهم الشرقية. وحين تعرض للسطو في المرة الأولى، أستنقِذَ على أيدي رجال القرية، من جماعة اليهود التي سطت على البقر المنتشر شرقاً في جبال جلبون الغورية، وأخذوا قطيعاً كبيراً منه، و وقع الفتى أحمد نافع حسن أسيراً بين أيديهم. وفي شرحه لهذا الموضوع، قال أحمد”أبوإبراهيم”: كنت مع اثني عشر طفلا نلهو في السراة حين مرّ علينا عبد الله حسين أسعد “أبوأحمد” فقال لنا مستغربا وجودنا: ماذا تفعلون؟ لقد أخذ اليهود البقر من “أبو حجر”، فقلت له: البقر موجود في “عراق المغنّي”، وتعال انظر، وسرت معه حتى أشرفنا على البقر وهو في طريقه لورود الماء مع الساعة الحادية عشرة صباحاً، فقال الراعيان، و هما: مصطفى موسى” ابو موسى” ومحمد أحمد قاسم”أبوسامي”: ما لكم؟ فقلنا، اليهود أخذت البقر، فردوا أن لا يهود هنا، وما رأينا أحدا. وبينما نحن واقفون، أقبل البقر من قِبَل معاصر “أبو دهماز” يسوقه الرعاة كما اعتقدنا، فقال لي أبو موسى: اذهب يا أحمد وأخبرهم بان لا يوجد يهود، وانحدر أبوسامي نحو البقر في الأسفل يسوقه للأعلى، باتجاه البقر القادم، فسرت نحوهم حتى أقتربت منهم كثيرا؛ وإذ بهم أربعة يهود يحملون السلاح، ويرتدون الطواقي، ولم يعد بإمكاني الهرب، فوصلت إليهم، فقالوا: من أين أنت؟ فقلت: من جلبون، فقالوا: لا، أنت من فقوعة. وساقوا البقر نحو مصطفى وعبدالله، وحين اقتربنا منهما وتبينوا هوية القادمين فرّ عبدالله نحو جلبون، فيما هرب مصطفى باتجاه فقوعة، فزوَوْا البقر، وأوقفوه، وكان فيه بقرة هولندية حمراء ضخمة طويلة لأبي فائق حسن، فطلبوا مني أن أحضرها، فقلت لا أستطيع واخذت أبكي، فأحضرها أحدهم. وفي تلك الأثناء كان الراعي محمد يسوق البقر إلى الأعلى، وهو لا يعلم بما يجري، وينادي على مصطفي بأن يطلق البقر، ولا يحجزه، فأخذوا يضحكون، وتسلل أحدهم خلف البقر يريد أن يمسك به، فرآه، ففر هاربا إلى الأسفل.
ساروا بالبقر وأنا معهم. لم نسرْ أكثر من مئة متر، وإذ برجال البلد يجيئون من الخلف، من جهة مغر الفرس أسفل معاصر “أبو دهماز” فتبادلوا إطلاق النار وأصيب اثنان منهم، وقيل مات أحدهم، فطلبوا مني الإنصراف، وعندما أحسوا أن لا طاقة لهم بجموع الناس، أطلقوا البقر؛ فَتَوقّفّ الإشتباك، وعاد الناس بأبقارهم.
(من كتاب/ مخطوطة جلبون”عزت فائق أبوالرب”)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق