مقالات

*..بيت الأحزان وكتم الأسرار..* بقلم محمد الحواس

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته وبعد..

هُناكَ بَعضُ النَّاسِ لا يُحبونَ تَفريغَ أحزانهم.. وَمُستَودَعَ أسرارهم..!!
بل يُفضلونَ كَتمها والإنطواءِ عليها والتَّقَوقُعِ حولها..!!
رُبَّما خَجلاً من أعينِ النَّاسِ أن تَرقُبَهُم..!!
أو تَرىٰ المُقَلَ إغرَوْرَقت في مَحاجِرِ أعينهم..!!
حتىٰ لا يقالُ أنهم جَزِعوا عندَ الشَّدائدِ والمِحَن..!!

حقاً إنَّ هؤلاءِ من حيثُ لا يدرونَ.. حَمَّلُوا أنفُسَهُم فَوقَ طاقتها..!!
والله سبحانه يقول:

*.. لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ..*
فسبحانكَ ربي ما ألطفكَ..!! لا تُكَلِّفنا مالا طاقةَ لنا به..!!
نعم .. حتىٰ في الأحزان..!!

فما الضَّيرُ بعدَ ذٰلكَ أخي في الله..
أن تَغسِلَ هُمومكَ وأحزانكَ.. بدمعةٍ قد تُثقِلُ كاهِلَكَ..!!
أو رُبُّما تُورِثُكَ الهَمُّ والغَمُّ..
وتسلبَ منكَ راحةَ البال..
وتأخذُ مأخَذَ الجِدِّ مِن صِحتكَ وعافيك..!!

فَعندما يَكتُمُ المَحزونُ ما يَختلجُ في صدرهِ من الأحزان..
وَيَكتُمُ في نفسهِ عَظيمَ الأسرار..!!
وَيَمتَلِكُ ذاكرةً قويةً.. تَنشَطُ عندَ أحزانهِ..!!
وَيَعمَلُ علىٰ تَراكمِ الأحزانِ وَعَدَمِ النِسيان..
ويأبى التَّخلصَ من تَذَكُّرِ الماضي والأزمان..!!
إذا كان والحال هذه..
فَحَتماً سَتظهرُ الأحزانُ والآلامُ جَلِيَّةً واضِحَةً..
وأولُ ما يظهرُ عليكَ..
يكونُ على مُحَيَّاكَ الباسِمِ أخي الحبيب..!!
فَتُحِيلُهُ إلى وَجهٍ شاحِبٍ.. قَد إنطفأ نور بريقه.. وغارَ فيهِ أثَرُ الأيامِ وكَثرةُ الأوهام..!!
لِيَتَحَدَّرَ من قَسماتهِ عِبرَ خُطوطِ الزمن..
ما جَفَّ مِن سَحائبِ المَدامِعِ عندَ صحراءِ الألم..
فَيَعتَرِيهِ مِن الهُمومِ سيئها.. ومن الأسقام أشقاها..!!

واعلم أنَّ هذا الجسدَ النَّضِرُ المُشرق..
سوفَ يَكسُوهُ يوماً ما.. مع مُرورِ الأيامِ والسِّنين..
ظاهرةُ الإعياءِ والوَهَنِ.. بعدَ أن كانَ مُشرقاً وَضَّاءَ..!! بسبب كتم الأحزان..

وَلا تَحسَب أن سُكوتَكَ وَكتمكَ لأحزانِكَ هُوَ إنتصارٌ لنفسكَ..!!
لا بل هيَ الهزيمةُ الكبرىٰ..
التي ترتكبها بحقِ تلكَ النَّفسِ الهادئةِ الوادعةِ التي بينَ جَنبَيك..!!
علماً انَّكَ مُستَأمَنٌ عليها من قِبَلِ الله سبحانه..!!

لذٰلكَ ومن أجلِ ذاتك..
عَبِّر اخي الفاضل.. عن مكنونِ نفسكَ بشتىٰ الوسائل الممكنة..
حتى لا تُصيبَ نَفسَكَ في مَقتَل..!!
وتَرميها بِسَهمٍ قد أخطأتها سهامُ غَيرُكَ..!!

وأطلِق لِنَفسِكَ العَنانُ في مرضاتِ الله..
كي تنعمَ في ملكوتهِ وتطمئنُ إليه..!!

وَأخيراً أخي في الله..
أخْرِج مِن مِرجَلِ صَدركَ وعميقِ أنفاسك..
كُلَّ هُمومِ الدنيا وآلامها.. وما فيها من أحزان..!!
ولا تدع لبيتِ أحزانِكَ أبواباً مُشَرَّعَةً يَطرقها عابري سبيل الآلام والأحزان..
ولا تجعل فؤادك مسكناً وبيتاً لقاصدي الأوجاع والماناة..

واترك مع كُلِّ دمعةٍ أو تنهيدةٍ..
شَكاةً لله القادرِ على حفظكَ ورعايتكَ وشفاءك..

ولا بُدَّ لكَ أن تنسىٰ أو تتناسىٰ كلَّ ما يُذَكِّرُكُ بماضي الآلامِ والأحزان..
وأن تلجأ وتؤوبَ إلى الله العزيز المنان..
ليطمئنَ قَلبُكَ وَتَهدَءَ روحُكَ وتَقَرُّ عَينُكَ..

*{ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ }*
إنه ولي ذلك والقادر عليه..
اللهم آمين يارب العالمين..
محبكم في الله.. ابو طارق الحوَّاس

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إغلاق