ناهض زقوت
القى الدكتور الدو هكسلي محاضرة في كلية كاليفورنيا الطبية في سان فرنسيسكو في عام 1961 قال فيها: “ستجدون في الجيل القادم طريقة عقاقيرية تجعل الناس يحبون عبوديتهم، وتنتج ديكتاتورية من دون دموع. ستنتج نوع من معسكرات الاعتقال التي لا ألم فيها، للمجتمعات كلها حيث تفقد الشعوب حريتها، لكنها ستفرح بذلك، لانها ستفقد أي رغبة في التمرد، بفضل الدعاية أو غسل الدماغ بفضل العقاقير. وهذه هي آخر ثورة على ما يبدو”.
إن السيطرة على العقول لا تثير الناس، كما لو حاولت أن تسيطر على أرضهم، يقول ونستون تشرشل في جامعة هارفرد عام 1943 “إن السيطرة على أفكار الرجال أربح من الاستيلاء على أراضيهم ومن استغلالهم، إن امبراطوريات المستقبل ستكون امبراطوريات العقول”.
هل تحصنت عقولنا ضد السيطرة، أم أصبحت مستباحة؟ عندما يدمر التعليم يصبح الشعب جاهلا، فيسهل السيطرة عليه دون جيوش أو شرطة. كتب برتراند رسل في عام 1957 قائلا: “إن تطور وتحسن تقنيات السيطرة على العقول سيسمح لكل حكومة مسؤولة عن تعليم أكثر من جيل، بالسيطرة على مواطنيها بشكل آمن من دون الحاجة إلى رجال الشرطة والجيوش”. وهذا ما يحدث اليوم في التعليم.
إن زرع الخوف وإثارة القلق عبر عوامل اجتماعية، تشكل أداة سهلة للسيطرة على العقول، كتب الدكتور ويليم سارغان وهو طبيب نفسي قائلا: “يمكن زرع معتقدات مختلفة في عقول الناس بعد تعطيل مهمة العقل عرضيا أو عمدا عبر الخوف والغضب أو الاثارة، ومن نتائج هذا الخلل الأكثر شيوعا نجد الحكم الضعيف المؤقت وسهولة التأثر بأفكار الآخرين، وتظهر أكثر في زمن الحرب، وأثناء انتشار الأوبئة”.
لقد وصلنا إلى هذه المرحلة بكل تجلياتها، وأصبحت عقولنا مستباحة لكل من هب ودب، لأننا خسرنا التعليم، فكل نهضة حقيقية لأي أمة من الأمم تبدأ من التعليم، فإذا حسن التعليم ارتقت الأمة وتحصنت من استباحة عقولها.