اقلام حرة
مقال : يقلم الكاتب التقدمي :محمد جبر الريفي صفقة القرن وتراكمات في نهج التسوية
مقال : صفقة القرن وتراكمات في نهج التسوية
. ……………….. . . حالة غير مسبوقة في تاريخ الحركة الوطنية الفلسطينية ترتب عليها تحول في السياسة الفلسطينية بعدم المحافظة على الهدف الذي انطلق من اجله النضال الوطني المعاصر بعد اغتصاب فلسطين وقيام الكيان الصهيوني كجزء من مؤامرة استعمارية وهو هدف تحرير فلسطين وإعادتها كقطر عربي يحوز على الاستقلال الوطني كسائر الحركات الوطنية المعاصرة في الدول العربية التي أنجزت هدف الاستقلال الوطني ولو كان استقلالا شكليا حيث ظلت علاقات التبعية قائمة بين أنظمة تلك الدول والدول الاستعمارية ..لقد كانت احتمالات التسوية العربية الإسرائيلية والمساعي السياسية خاصة الأمريكية التي دارت على أساسها هو الذي دفع المجلس الوطني الفلسطيني في إقرار البرنامج المرحلي وهو بداية مراجعة المسلمات الأساسية التي كان يرتكز عليها هدف التحرير وبهذا البرنامج المرحلي بدأ التعاطي مع مساعي التسوية التي ترعاها بشكل أنفرادي واشنطن و التي بدأت هذه المساعي بشكل علني بعد حرب أكتوبر عام 73 من القرن الماضي وجاءت معاهدة كامب ديفيد بين مصر أكبر الدول العربية والكيان الصهيوني تتويجا لهذه المساعي الأمريكية وبذلك شكلت اول اختراق صهيوني للنضال القومي العربي المعاصر تجاه القضية الفلسطينية وبسبب ذلك الاختراق تهاوى الركن الأساسي في الجدار العربي الرسمي أمام المشروع الصهيوني وبدأ الخطاب السياسي التسووي يطغى على الخطاب السياسي التحرري المقاوم وبذلك فقدت القضية الفلسطينية رمزيتها كقضية تحرر وطني عند كثير من الأنظمة العربية ودول العالم خاصة بلدان العالم الثالث التي خضعت للاستعمار الغربي حيث كانت تحظى هذه القضية بالأولوية في السياسات الاقليمية لهذه الانظمة العربية وتلك الدول الأجنبية وكان ذلك التحول في النظر للقضية الفلسطينية قد حدث بشكل اعمق بعد توقيع الكيان الصهيوني معاهدتي اوسلو مع منظمة التحرير الفلسطينية ووادي عربة مع الأردن حيث تحولت القضية الوطنية في اطار اهتمام النظام العربي الرسمي بعد ذلك إلى مسألة اقتصادية ذات طابع إنساني يقوم على تقديم المساعدات والمنح المالية وانتهت بذلك المقاطعة العربية لتحل محلها ظاهرة التطبيع الجارية الان تمهيدا لما يخطط في هذه المرحلة لإيجاد حل إقليمي للصراع العربي الصهيوني و الفلسطيني الإسرائيلي تسعى واشنطن لبدء الشروع بتنفيذه بعد أن قطعت خطوات في سبيله تمثلت بازاحة قضيتي القدس واللاجئبن من بنود صفقة القرن التي لولا الاختراق الذي حصل في الجدار العربي الرسمي بتوقيع معاهدات( السلام ) بعد حرب أكتوبر وما تبعه من استمرار ظاهرة الهبوط في مفردات الخطاب العربي الرسمي لما تجرأت الولايات المتحدة من صياغة مشروعها التامري التصفوي للقضية الفلسطينية …هكذا هي صفقة القرن الأمريكية التصفوية لم تأت من فراغ بل هي جاءت عبر تراكمات في عملية التنازل المتواصل في السياسة العربية وقد شكل ما اشيع في وسائل الإعلام عن بنود هذه الصفقة تعبيرا عن درجة الاستعداد العربي للتخلص من أعباء القضية الفلسطينية بأي ثمن ولو كان ذلك على حساب الحقوق الوطنية التي أقرتها الشرعية الدولية غير أن مستقبل تمرير أو إحباط هذه الصفقة متوقف على الموقف الفلسطيني مع اعتبار خاص لمواقف الدول العربية الأكثر التصاقا بالقضية الفلسطينية ( مصر والأردن ) فضرورة استمرار الرفض الفلسطيني وعدم إذعان السلطة الوطنية لما تمارسه الولايات المتحدة وبعض الأطراف العربية من ضغوطات سياسية واقتصادية وهو موقف وطني يتطلب تغييرا جوهريا في الوضع الداخلي بحيث لم يعد إنجازه بدون إنهاء الانقسام السياسي البغيض وتعزيز الوحدة الفلسطينية ..ضرورة استمرار الموقف الفلسطيني على استمرار موقف الرفض سيجعل المخطط الأمريكي الصهيوني يصل إلى طريق مسدود بسبب عاملين أولهما : أن الأموال الطائلة التي ستقدمها دول الخليج العربية لتمرير الصفقة لن تستطيع أضعاف الهوية الوطنية الفلسطينية في التعبير عنها من خلال دولة وطنية مستقلة كاملة السيادة بعاصمتها القدس الشرقيه على حدود 67. .ثانيهما : لما يحتويه هذا المخطط التصفوي من استخفاف بالعقلية السياسية الفلسطينية والعربية حيث تعطي بنود الصفقة كل شيء للكيان الصهيوني الارض والامن والسلام بعيدا عن إجراء مفاوضات في اطار دولي…