منوعات
النجاشي الملك الذي لا يظلم عنده أحد…
هو الذي قال فيه الرسول صلى الله عليه وسلم: “لو خرجتم إلى أرض الحبشة، فإن بها ملكا لا يُظلم عنده أحد”، وكانت كلماته بمثابة الإذن لثلّة من مستضعفي مكة المسلمين حديثا، بالهجرة إلى أرض الحبشة (مملكة أكسوم)، حتى يأمنوا على أنفسهم ودينهم من بطش الملأ في مكة.
ملك عادل حكم مملكة أكسوم العريقة، قرابة عام 560 للميلاد.. إنها حكاية النجاشي أصحمة بن أبجر الذي ينحدر من سلالة ملوك في إمبراطورية قوية مترامية الأطراف.
والنجاشي لقب وليس اسما، وكل من حكم الحبشة كان يلقب بالنجاشي، مثل كسرى فارس وهرقل الروم، وتخبرنا كتب السيرة عن النجاشي وأسرته، وله اسمان اشتهر بهما، أولهما النجاشي والثاني “أصحمة”.
اشتد البلاء على الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في مكة، ولما عز عليه ما كان يقع عليهم من الأذى قال لبعضهم: “لو خرجتم إلى أرض الحبشة فإن بها ملكا لا يظلم عنده أحد، وهي أرض صدق، حتى يجعل الله لكم فرجا مما أنتم فيه”. فخرجت في رجب من السنة الخامسة للبعثة مجموعة من الصحابة، وتبعتها أخرى على رأسها جعفر ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم، حتى بلغ عدد المهاجرين في المرتين قرابة 116 شخصا.
دخل المسلمون أرض الحبشة آمنين، واستقروا فيها دون أن يتعرض لهم أحد، وقد روى الإمام أحمد في المسند من حديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار فآمننا على ديننا، وعبدنا الله تعالى لا نؤذى ولا نسمع شيئا نكرهه.
ذكر ابن خلدون في مقدمته أن أصحمة بن أبجر كان من علماء المسيحيين، ويعرف ما نزل من التوراة والإنجيل، ويطبق الوصايا العشر على نفسه، حتى أن هرقل كان يرسل القساوسة إليه ليأخذوا دورات تدريبية، حتى بلغ عددهم عشرة من القساوسة.
أما عن إسلام النجاشي فإن النبي صلى الله عليه وسلم أرسل إليه يدعوه إلى الإسلام بعد 13 عاما من هجرة المسلمين إلى الحبشة، واختلف المؤرخون حول رسائل النبي صلى الله عليه وسلم إليه، وما إن كان النجاشي قد أسلم قبل ذلك أو بعده، لكن ما قال به ابن حجر العسقلاني في فتح الباري أن النبي قد كاتب النجاشي الذي أسلم، ثم كاتب النجاشي الذي ولي بعده وكان كافرا.
المراجع:
البداية و النهاية. ابن كثير.
المقدمة. ابن خلدون.
فتح الباري .ابن حجر العسقلاني.