كيف تكون الرحلةُ في عالمِ الفوضى؟
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى وبعد:
كلما زاد الطُّغيان أبشِر بالفَرجْ، ولكن!
توقفنا في مقالة الأمس عند نقطة المرابطة والمواجهة وأما آخر نقطتين في هذه السلسلة فهما: الوحدة والاجتماع، والرجوع إلى الكتاب والسُّنة، وأما:
– الوحدة والاجتماع
فتجب في مجتمعات المسلمين التي تواجه الأزمات والفتن التي تخلط الأوراق وتعصف بكل قوة في واقع مجتمعات المسلمين، ومهما كان من أمر فإنه لا بد من وجود الوحدة الجامعة المُجمع عليها والمنعقدة والمنتظمة التي دعا إليها الكتاب والسنة النبوية، ولا يجوز الخروج عليها فإذا لم يتوحّد مجتمع المسلمين وقت الأزمات فمتى؟
– وليحذر المسلمون من تبادل الاتهامات والتخوين العشوائي من غير دليل، وألا يسمحوا للاختراقات أن تشقق أو تفتت صفهم، وينبغي تزايد اللُّحمة لما يترتب على الفُرقة من الأضرار والمفاسد والتي تمس أصل اجتماع المسلمين وائتلافهم، فالألَفة واللُّحمة أصل من أصول ديننا، وعندما تنظر إلى الإسلام بواقعيته فإنك ترى أن نصوصه التي ساقها القرآن الكريم وسنة النبي الأكرم محمد ﷺ جميعها تدعو إلى توحيد الصف وجمع الكلمة ولذلك لا بد من العودة إلى:
– الكتاب والسنة
وهي النقطة الأخيرة في هذه السلسلة، وهذا الرجوع يكون في جميع أمور وشؤون المسلمين الخاصة والعامة، الصغيرة والكبيرة، لأن مرجعا الكتاب الله والسنة هما الأساس الذي اعتمد عليه المسلمون طيلة تاريخهم وقد حذّر الله تعالى من ترك الحاكمية لله في غير موقعٍ من القرآن الكريم ومنها قوله: {ومَن لم يحكُم بِمَا أنْزلَ اللهُ فأولئِك هُمُ الكافرون} (44: المائدة) وورد كذلك أيضًا أنهم {الظَّالِمُونَ وَ الفاسقون} ولا نغفل كذلك عن أقوال الأئمة والعلماء المعتمدين قديمهم وحديثهم، والاسترشاد بآرائهم وتوجيهاتهم فَالاستجابة والطاعة تكون لله ولرسوله ولأئمة المسلمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (الأنفال: 24) فالاسترشاد بهم يعين على الخير، ويُخرج المسلمين من الضيق، فنحن أمة لنا مرجعية معصومة خصوصًا الكتاب ثمّ السُّنّة المتواترة والصحيحة، وغيرنا لا يملك هذا الكنز، فكل تفكك وتفرّق لا يكون إلّا بما جناه المسلمون على أنفسهم، وذلك بتخلّفهم عن كتاب الله وهدي وسنّة رسوله ﷺ وتمهميش دور العلماء الأتقياء الأصفياء الأنقياء، وأعتقد أن هذا ما ينبغي عليه أن يكون حال المسلمين عند اشتداد الفتن واختلاط الحابل بالنابل وتكالب أعداء الأمة عليها.. والحديث يطول في هذا المقام وأكتفي بهذا القدر من هذه السلسلة لاعود بحديثي إلى سلسلة: (الانحراف الاجتماعي أسبابه ونتائجه ومعالجته) في مقالة الغد بمشيئة الله تعالى.
– مقالة رقم: (1580)
13. شوال. 1445 هـ
صباحكم طيب، ونهاركم سعيد
باحترام: د. محمد طلال بدران (أبو صُهيب)